تعتبر إنتاجية العمل، المخرجات لكل عامل، أمر مهم لأن العديد من خبراء الاقتصاد يتفقون على أنها تفسر التباين الكبير في مستويات المعيشة بين البلدان، فالبلدان التي تتمتع بمستويات إنتاجية عمل أعلى تتمتع بمستويات معيشة أعلى من تلك التي تتمتع بإنتاجية عمل أقل. ذكر الكاتب بول كروجمان، الحائز على جائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصادية عام 2008، في كتابه "عصر التوقعات المتناقصة" (1994)، ما يلي:
الإنتاجية ليست كل شيء، ولكن على المدى الطويل هي كل شيء تقريباً. تعتمد قدرة أي بلد على تحسين مستوى معيشته بمرور الوقت بشكل كامل تقريبا على قدرته على زيادة المخرجات لكل عامل.
التعريف الرسمي لمصطلح إنتاجية العمل هو كمية السلع والخدمات التي ينتجها العامل في ساعة واحدة. وإذا ما حولنا هذا التعريف إلى معادلة،
إنتاجية العمل = كميات السلع والخدمات ÷ عدد الساعات المعمولة
دعونا نعود إلى اقتصادناً الحبيب، الخاص ببلد التمر. ومع ذلك، هذه المرة ولجعل الأمور أكثر وضوحاً، سنفترض أن بلد التمر تنتج تمور العجوة فقط. يظهر الشكل 1 تصور لعملية إنتاج مبسطة (أو يمكنك أن تقول عملية إنتاج) لتمور العجوة.
المدخلات في عملية الإنتاج هذه هي إشجار النخيل والعمالة والسلالم المستخدمة في التسلق للحصول على التمور والأرض، في حين أن الناتج (يطلق عليه في بعض الأحيان الإنتاجية) هو تمور العجوة.
بتعبير أدق، وفقاً لوظيفة الإنتاج الموضحة في الشكل 1، فإن عملية الجمع بين 20 نخلة و5 عمال وسلالم و1000 متر مربع مساحة أرض ينتج عنها 1000 كجم من تمور العجوة.
من مربع الإدخال الثاني في الشكل 1، نستنتج أن هؤلاء العمالة الخمسة (العمال) يعملون 8000 ساعة سنوياً
[= 5 عمال × 8 ساعات يومياً × 200 يوم]. وهكذا، ينتج عن 8000 ساعة عمل 1000 كجم من تمور العجوة.
وإذا ما حولنا هذا التعريف إلى معادلة:
إنتاجية العمل = 1000 كجم من تمور العجوة السلع ÷ 8000 ساعة عمل
= 0.125 كجم من تمور العجوة لكل ساعة عمل لعامل
في أبسط أشكالها، تخبرنا إنتاجية العمل، أنه في بلد التمر، يتم إنتاج ما مقداره 0.125 كجم من تمور العجوة بواسطة عامل واحد في ساعة واحدة. تذكر أن الناتج المحلي الإجمالي يقيس إجمالي الدخل الذي يكسبه كل فرد في الاقتصاد (نهج الدخل الخاص بالناتج المحلي الإجمالي).
وفي الوقت نفسه، يقيس الناتج المحلي الإجمالي إجمالي الإنفاق على المخرج المنتج (نهج الإنفاق الخاص بالناتج المحلي الإجمالي).
وبالتالي، ينبغي أن يكون مجموع الدخل المكتسب مساوياً لمجموع النفقات. إذا أعدنا ترتيب معادلة إنتاجية العمل التي تم ذكرها أعلاه لتصبح بالصيغة الموضحة أدناه، فسنحصل على
كمية السلع والخدمات (الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي) = مجموع الدخل = مجموع الإنفاق = إنتاجية العمل × عدد الساعات المعمولة
من هذا، يمكننا أن نستنتج أنه مع ارتفاع إنتاجية العمل لعمال بلد التمر، يزداد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لبلد التمر مع استخدام نفس الكمية من الأراضي والسلالم وأشجار النخيل. وكنتيجة لذلك، يزداد إجمالي دخل مواطني بلد التمر. وكذلك مجموع الإنفاق وهذا يعني أن المستوى المعيشي لمواطني بلد التمر يرتفع كذلك.
تخيل أنه بحركة بسيطة من عصا ساحر، نزيد من إنتاجية العمل لعمال بلد التمر لتصبح 2 كجم من تمور العجوة في كل ساعة عمل لكل عامل.
سيعني هذا الأمر، أنه وباستخدام نفس كميات المدخلات الأخرى، ستتمكن بلد التمر من إنتاج 16000 كجم من تمور العجوة
8000 ساعة عمل × 2 كجم من تمور العجوة في كل ساعة عمل لكل عامل
وبشكل إجمالي، عند تحقيق مستوى إنتاجية يصل إلى 2 كجم من تمور العجوة في كل ساعة عمل لكل عامل سيزيد الدخل الحقيقي لمواطني بلد التمر 16 ضعف مقارنة بمستوى إنتاجية 0.125 كجم من تمور العجوة في كل ساعة عمل لكل عامل. بالمناسبة، سوف نتعلم قريبا أننا لسنا بحاجة إلى عصا ساحر لزيادة الإنتاجية.
هناك عوامل تؤثر على الإنتاجية بشكل إيجابي. ومع ذلك، قبل الخوض في هذه العوامل، سنقدم مفهوما آخر، الا وهو، إجمالي إنتاجية عوامل الإنتاج، أو الإنتاجية المتعددة العناصر، وهو المفهوم المستخدم من قبل الاقتصاديون والإحصائيون على نطاق واسع.
الإنتاجية المتعددة العوامل (أو إجمالي إنتاجية عوامل الإنتاج) هي عبارة عن مقياس للأداء الاقتصادي أكثر شمولاً من إنتاجية العمل، ذلك لأن الإنتاجية المتعددة العوامل تأخذ في الاعتبار جميع المدخلات (عوامل الإنتاج) المستخدمة في عملية الإنتاج.
الإنتاجية المتعددة العوامل = إجمالي إنتاجية عوامل الإنتاج = كمية السلع والخدمات ÷ المدخلات المجمعة
ومع ذلك، هناك تحديان في الجمع بين المدخلات للحصول على صيغة "المدخلات المجمعة". التحدي الأول هو أن المدخلات مختلفة بمعنى أن وحداتها مختلفة - يتم قياس مساحات الأرض باستخدام متر مربع أو قدم مربع بينما ساعات العمل تقاس بعدد الساعات.
وبالتالي، فإن جمعها دون تحويل قيمها إلى وحدة مشتركة تؤدي إلى مشكلة الاختلاف في الأصل كما هو الحال عند جمع التفاح والبرتقال.
في حالتنا هنا، وعلى سبيل المثال، لا يمكننا جمع عدد 20 نخلة مع مكون السلالم. التحدي الثاني هو أن بعض المدخلات لها عمر وصلاحية استخدام من المدخلات الأخرى.
في حالتنا، على سبيل المثال، تتمتع أشجار النخيل في المتوسط بعمر إنتاجي يمتد لمدة 100 عام في حين أن السلم له يتمتع في المتوسط بعمر استخدام يمتد لفترة 20 عام.
ونظرا لأن الإنتاجية تقاس عادة بشكل سنوي، فلا يمكننا تحميل التكلفة الكاملة لأشجار النخيل والتي ستنتج التمور لمدة 100 عام، إلى صيغة "المدخلات المجتمعة"، - وهو ما يمثل مقام القسمة في معادلة الإنتاجية المتعددة العوامل.
وتزودنا معظم مصادر البيانات بسلاسل الإنتاجية المتعددة العوامل للبلدان.
ومع ذلك، حتى مع وجود اقتصاد ينتج نوع واحدا فقط من المنتجات، كما هو موضح أعلاه، فإن تقدير الإنتاجية المتعددة العوامل مباشرة مهمة شاقة للغاية.
في العالم الحقيقي، تنتج البلدان الملايين من المنتجات والخدمات المختلفة. وبالتالي، فإن تقدير الإنتاجية المتعددة العوامل من خلال الطريقة المباشرة الموضحة أعلاه يصبح مهمة مستحيلة. ومع ذلك، هنالك طرق لتقدير الإنتاجية المتعددة العوامل بشكل غير مباشر.
واحدة من أشهر تلك الطرق المستخدمة لتنفيذ القياسات غير المباشرة للإنتاجية المتعددة العوامل (الإجمالي) تسمى Solow Residual، والتي لن نشرحها، لأن غرضنا هو فهم معنى الإنتاجية المتعددة العوامل (الإجمال) يعتبر كافي.